نخرج من الغرفة ليقع عدّنا مثل قطيع من الأبقار أو الماعز، و يقف المساجين في شكل صفوف كل خمسة على حِدا و يقف الكبران و يرفع يده كالجنديّ المخلص صائحا "إحترام" (من كثرة الطحين) و يقوم المساجين برفع أيديهم مثل الجنود أيضا منهم من لا يقوم بذلك و خاصة نحن المساجين السياسيّين ففي بعض الأحيان يغضّ الأعوان الطرف على من لا يقوم بذلك و في بعض الأحيان يعاقب من لا يقوم بذلك كانت الساحة التي يقومون بعدّنا فيها تسمّى "اللاّرية" فهي مساحة صغيرة بين اربع حيطان عالية البناء و أبراج المراقبة منتشرة في كلّ الجهات و لكنها لا تحجب عنك لون السماء والشمس و حتى إن كنت لا ترى منها إلاّ قطعة صغيرة.
بعد عمليّة التعداد يقومون بإرجاعنا إلى الغرفة الجميل في هذه الغرفة أنّ الأغلبيّة الساحقة من المساجين تستعمل الصابون و معجون الأسنان ليغتسلوا و قلة قليلة لا تبالي بذلك...
كان الرّاوي لا يزال تائها يبحث عن والده تائها في أمره يحرّك قهوته و ينظر إلى ما قد يرتسم له في الكأس البلاستيكي، غير عالم بما يدور خارجا و ماذا يصير بمدينته المغتصبة و الحال أنّ جهاز الداخلية يواصل عمله بإعتقال الشباب و المثقفين و بدأت إمبراطورية الكرامة بالسقوط نظرا لإختلال موازين القوى و العنف الممنهج الذي تقوم به السلطة على أبناء الحوض المنجمي. و أنّ الإنتفاضة الشعبيّة التي دامت ستة أشهر وقع قمعها و "بش نشبعوا حبس".
"برّا هز فطورك" "برّا يا ولدي" ، نهضت من مكاني (موش نهضة الغنّوشي اللّي ريحتها ما فمّاش و رشودة في لندن يقول الثورة بدأت من الجنوب كان تواصلت من الفين و ثمنية الثورة راو قالوا نحنا عملنا الثورة و مع ذلك هو كي غيرو اللّي وقت انفراد السلطة بالرديف هوما بيدهم فر فر .... موضوع طويل ) نهضت من مكاني لأري ما هو هذا الافطار ، اذ به الكبران يفرّق قطعا من 'الكيك' على كل مسجون
هذا ما احضره الاعوان كإفطار صباحي للمساجين ،و اذا لم يأتي احد لزيارتك فلن تأكل الاّ ما يرميه الاعوان كل يوم . و هذه ايضا احدى المعادلات الصعبة و السجن يؤثّر في الحالة النفسية للبشر و يقوده للجنون في بعض الاحيان و تصبح حرب اعصاب مدمّرة
يتبع
مظفر العبيدي