Powered By Blogger

vendredi 8 août 2014

الرائحة الكريهة منبعثة من كل مكان في القبو المظلم

  ماهي لحظات حتّى وصلنا إلى المحكمة ، تم إدخالنا إلى القبو و تقسيمنا على الغرف الموجودة هناك فعددنا كما ذكرت يتجاوز الثلاثين بين من هم موقوفين مثلنا و من هم بحالة سراح و عادة المجموعة التي تكون في حالة سراح يدخلون من الباب الرئيسي للمحكمة عكسنا نحن تماما الموقوفين ، و المفاجأة انهم وضعوا والدي مرّة أخرى في زنزانة لوحده و عدنان ايضا و على ما أظن الطيّب فلم نتمكّن من رؤية بعضنا و لكننا تحدثنا من وراء الابواب المغلقة غير مبالين بوجود الحراسة التي حاولت منعنا حتّى من الكلام ، و الرائحة الكريهة منبعثة من كل مكان في القبو المظلم ، ماهي لحظات حتْى بدؤو بالمنادات على أسمائنا  لنصعد الي قاعة المحكمة ... كنت انتظر لحظة لقاء والدي بفارغ الصبر و إن يكن في المحكمة لا يهم ، صعدت صحبة الرفاق الى القاعة ، و يا لهول ما رأيت ، عدد كبير جدّا من المحامين و عائلتي و عائلات المساجين لكن عددهم لم يتجاوز اعوان البوليس الذي انتشروا في القاعة مثل النمل ،  بحضور ملاحظين تونسيين وأجانب جاءوا ليعبّروا عن مساندتهم لضحايا القمع وللقضية العادلة،  بحثت عن والدي في تلك الفوضى و أرتميت في حضنه امام القاضي و المستشارين الذين كانو ينادون على اسمائنا ، و كم هي جميلة تلك اللحظات ، لاحظت ان والدي فقد القليل من وزنه لكنّه كان شامخا كالجبال السمر مثله مثل بقية الرفاق ، ومن هناك سلام إلى امي و ابتسامة لأخي و اختي و تحية لأولئك المحامين الذّين تجاوز عددهم المائة ... بعد منادات القاضي على أسمائنا جميعا ، وقفنا كالعادة رافعين النشيد الوطني وسط تلك الحشود و بدأنا بترديد شعاراتنا : " شغل حرّية كرامة وطنية " ، " الثبات الثبات ضد حكم المافيات " و سرعان ما انقلب علينا المشهد و كشّر البوليس عن أنيابه و بدؤو بدفعنا نحو القبو غير مبالين بصغير و كبير وسط زغاريت الاهالي و هتافاتهم و تحمّس المحامين ، حاولوا الاعتداء علينا غير أنّ أعوان السجون دافعوا عنّا و حالو بيننا و بينهم و عمّت الفوضى في ارجاء المحكمة ، نعم لقد رفضنا جميعا دون سابق انذار و دون تنسيق ان نحاكم بهذه الطريقة ، ارجعونا إلى القبو ، ذلك القبو النتن المتعفّن ، لكن هذه المرة وُضعنا  غير منظمين ، ماهي لحظات حتّى قدم إلينا الأستاذ مختار الطريفي و معه احد المحامين الآخرين طالبين منّا الهدوء و انه لن يتم إستنطاقنا بل سيكون دورهم في المرافعات ، هدأت النفوس قليلا و قررنا الرجوع لتبدأ المرافعات الماراطونيّة للمحامين ، و كم كان جميلا آنذاك ان ترى جميع الالوان اليسارية تدافع يدا واحدة عن مساجين الحوض المنجمي ، أذكر أنّ القاعة اهتزّت لسماع مرافعة الاستاذ عبدالنّاصر العويني لما فيها من بلاغة و كلام جميل حيث شخصيّا لن أنسى تلك المرافعة و في ما يلي نص المرافعة