Powered By Blogger

mardi 24 décembre 2013

يوم ثلاثة ديسمبر

يوم ثلاثة ديسمبر 

يوم واحد واحد قبل المحاكمة التي إنتضرناها قرابة الستة أشهر نظرا لوجود مساجين تو إيقافهم قبلنا و بعدنا و بعد إعلامنا من طرف عائلاتنا أو عبر بعض المحامين الذين قدموا لزيارةنا انه يوم أربعة ديسمبر سنقف أمام القاضي بالمحكمة الابتدائية بقفصة  ، ليلة المحاكمة في السجن ليست كغيرها من اللّيالي ، ليلة تقضّيها في التفكير عن ما قد يحصل في تطورات القضية ، هل سيُنصفنا القانون ، من يكون القاضي يا ترى ، أكيد أنني سأرى والدي و الرفاق الآخرين ، مَن مِن المحامين سيكون موجودا للدفاع عنّا ؟ نحن 38 شخص ، كلها أسئلة تنقب دماغك هي و النوم أعداء ، تكاد تكون الصورة منعدمة في بعض الاحيان لنظرا لهذا التعقيد ، نتفكّر حاجات ياسر بيزار ، الزيتونات اللّي حكتلي عليهم اختي زعمة طلعوا ؟ كبرو ؟ يسقو فيهم ، فمّا شكون لاهي بيهم ؟ نرجع نخمم زعمة نشوف غدوة برشة عباد ؟ زعمة القضاء مستقل ؟ زعما غدوة نروّح ؟ ترجع الغمامة الكحلة و فجأة تسمع الباب يدق الحاكم جاء ، الكبران الطحّان كي العادة برّى بيّت الحس ، اسمع اسمك من غادي ، فلان الفلاني ، الى أن نادو على إسمي و هارون بش يفكرونا اللي غدوة جلسة بش السبعة متع الصباح نبدو حاضرين ، ثم يذهبون إلى الغرفة المجاورة ، و يعود الضجيج و الافكار و التعقيد و تنطفأ الاضواء و ينام الجميع و انا ممدد في مكاني احرق السجائر و في يدي فنجان بلاستيكي احتسي القليل من النيسكافيه ، و تمرّ اللحظات متشابكة متداخلة تصل بك في بعض الاحيان إلى درجة الجنون ، خطوط بيضاء منحنية في رسم خيالي و تترنّح زهور الربيع ناشرة رائحتها العطرة ، وغيوم كثيفة من الجانب الآخر و إذ به الثلج الابيض يتساقط متحوّلا إلى حرير ليغطّي السنبل الاخضر في المقابل شمس ساطعة و رجل يمشي ماسحا عرقه بيده في وجهه ملامح المحارب الذي لا يخشى الصحراء و الشمس و الموت ، تتدلّى خسلات شعره على جبينه فيبللها عرقه المتناثر و تسطعه الشمس فيخر نور من عينيه ، نور الامل الذي جعله يتحدّى عواصف الصحراء القاتلة ، من الجهة المقابلة صورة لفتاة متئكة على مرفقه في غابات لا يعرفها احد و لم يزرها احد ابتسامتها فاتنة يدور من حولها كل حيوانات الغابة و تصهل الخيول من حين لآخر و تعوي الذئاب  و ينتشر فحيح الافاعي في كل مكان ، تزأر الاسود و تبكي التماسيح ، ثم يغنّي البلبل ألحانا تنتشر بين الاغصان  وسط السهول ، ينساب شعر الفتاة و ترفعه نسمات بريئة ، فتنظر الفتاة إلى السماء و تنذرف دمعة على خدّها الايسر ثم تسقط على الارض ، تتداخل اللوحات و تلتقى الفتاة بمقاتل الصحراء تحت الغيوم و يغطيهما الثلج المتحول الى حرير و يختلط المشهد و يعم السكون و تنجرف سواقي من المياه في الجانبين ، و المحارب يعانق الفتاة و يقبلّها لترويه عطش الصحراء و ليدفئها بحنانه ، ثم يطيران في السماء متجاوزين تلك الغيوم السوداء بين الكواكب و المجرّات مغادرين هذا العالم و تلك اللوحات الخياليّة ، ينطلق الطرق العنيف على باب الغرفة : كالعادة ليست هناك طريقة أقل قذارة لإيقاض ارواح بشرية نائمة في السجون ضلما ، انه يوم المحاكمة ، آخذ معجون الاسنان و الفرشات متّجها الى الحوض الذي يستعمله جميع المساجين ( أي نعم في الحبس عندك الحق تغسل سنونك ) ثم اخرج من الغرفة الى السقيفة صحبة هارون لمقابلة الآخرين ، و ها نحن تقابلنا في السقيفة و سمحوا لنا بالحديث في ما بيننا ، المجموعة اللّي في الجردة و اللّي في السنطرة علما و أنّ الحبس مقسم الى قسمين

تم ربطنا بالمينوت زوز زوز ، عندما جاء دوري طلبت من عون السجون تغيير المينوت مع احد المساجين الآخرين لان عادل استاذي و  انا احترمه كثيرا فكان لي ما طلبت ،  اخذونا الى سيّارات السجون المغلقة مكبلين بالسلاسل ثم دارت عجلات السيارات و إنطلقت بنا في اتجاه المحكمة لارى والدي و عدنان و الطيب و حفناوي القادمين من بوزيد و القصرين ، إنّه ليوم رائع

المحاكمة الأسطوريّة




حبر و رسم و آهات و حكايات و رجعت الماكينة تدور على عجلة ، ذات يوم في فصل الشتاء ربما نسيت بعض المعطيات أو الاحداث و لكن ليس مهمّا  المهم أن تصل الرسالة  ، ، بعد ان إكتشفت ان والدي بسجن القصرين و مرت الايام على ذلك الحال في الغرفة عدد 1 إلى حين تعيين جلسة لمحاكمتنا يوم أربعة ديسمبر و سنلتقي جميعا بعد خمسة أشهر في أروقة المحاكم الفاسدة و التّي لا تزال فاسدة ، خمسة أشهر و نحن موقوفون دون محاكمة ، و عائلاتنا تعاني خارجا من المضايقات و التخويف و الاهانة احيانا و كل انواع الهرسلة و راشد الغنوشي كان في لندن وقتها يتلذذ العيش في أنقلترا ناهيك عن الدينصور الآخر الباجي قائد السبسي الذي عاش ملتزما الصمت و مطبّقا لكل الأوامر ، بل كانوا يحتقرونه وقتها ، كانت الخمسة أشهر الاولى تحضيرا نفسيا للأحكام التي ستصدر في حقّنا في ما بعد ، 
في الخمسة اشهر الاولى كما حدثتكم سابقا كانت لي زيارات أسبوعيّة اسمع فيها القليل من الاخبار من العائلة و الاصدقاء ايضا في بعض الاحيان و يأتي مساجين من سجون اخرى مثل سجن القصرين و سيدي بوزيد ينقلون أخبار أصدقائنا هناك حيث كنّا نبعث رسائل مع المساجين ، قضينا شهر رمضان أيضا وعيد الفطر في الخمسة أشهر الاولى ، يوم العيد حتّى في السجن له عاداته ، حيث يرتدي المساجين اجمل ما لديهم من لباس و يخرجون لمقابلة عائلاتهم و الحديث معهم في البلوار ، رمضان ايضا فيه الكثيرممن يصومون و قلّة يفطرون ، القفّة لمدة شهر كل يوم و الماكلة تجي سخونة ،
 خمسة أشهر ليست كغيرها ، تجربة تولّد النقمة نظرا للقهر الذي مورس علينا ، صدقوني كيف بديت نتعلّم في الدخان مش بعيد على مكان السجن ، كل يوم له آهاته و أوجاعه كل يوم له غيومه ، في بعض الاحيان يكون الحرّاس سافلين جدّا معنا ، حيث لا تتجاوز مدّة الخروج من الغرفة إلى اللارية نصف ساعة ، و احيانا يسترجلون معنا و يتركوننا نتنفّس قليلا ، ليالٍ ايضا مضحكة في محتواها حيث يحدد وقت النوم نص اللّيل ناس كل كان قارد اللّيل و الزوز اللي لاعبينها حبايسيّة ، يطلع واحد يركب اوراق اللي تبدى في باكوات الدخّان و يعمل بيهم أُنتان بش يجبدو رايونو و تولّي شعارها فراشة حمرة و فيلم و يا حبيبي على الأفلام ، عل غير الفتيلة بالزيت و القطن متاع الباتوني ( في الحبس لوازم النظافة الكل موجودة اللهم انت إمّسخ بطبيعتك) ، و عشيّات شهر جويلية و أوت كيف نعملو أطراح سكرابل بالعربي بحذا الباب و النسمة اللي تهب كيف يرشرو اللاّرية و كنت ديمت نحب نتحيّل في كلمة تَئِبُ خاطر الالف المقصورة عشرة نقاط ، كانوا يقولولي شنوة معناها تئب ؟ تئب على وش الدنيا و نضحكو و نكملو نلعبو على شكون بش يجيب القازوز و الشوكوتوم و الشامية ، و المسلسلات عاد ما نحكيلكمش ،مهند و نور، ،باب الحارة، مكتوب الخ من المسلسلات و الاخبار ، و الجرايد الصفرة ، كان نعملو تقييم تو ما نلقو حتى صحافي كان يسب في النظام وقتها كان الكعبتين المعروفين ،
خمسة أشهر أولى انتهى الجزء الاول متاع الكتاب اللي عندي توة اكثر من عامين نحب نكملّو و ما نجمتش ، ساعات نخاف من الكتيبة و نحس الستيلو غريب عليّا و ما نوالفوش ، ساعات نحس اني بديت نفقد الابداع و التلاعب بالكلمات كطيف وراء قمم الجبال السّمر و ابحث عن الغيوم علّها تمطر ، مع هذه املنعرجات الخطيرة التي تشهدها الثورة التونسية ، لا أجد سوى اوجاع متناثرة كحبّات الشعير تأكلها الطيور ، في الجزء الثاني ستكون الرحلة مع المحاكم و اللقائات مع الاصدقاء و الرفاق و دور المحامين آنذاك و الاحكام التي وصلت إلى عشرة شنوات و شهر سجنا 
للّي بش يقرى لاول مرّة ، هبطتو خصيصا هنا في البلوغ بش تلقاو البداية او الجزء لول بالطبيعة مش كامل أمّا فيه لمحة كبيرة على اللي قاعدين نحكو فيه مش منضم بلقدا صحيح أمّا هضاكا هو فوضى

العبيثّة عاد من جديد